الأحد، سبتمبر 13، 2009

بقية مقابلة الشيخ محمد بن موسى العامري مع صحيفة السياسية

، إذ الصوم لم يشرع إلى لتحقيق تقوى الله {كتب عليكم الصيام كما كتب على
الذين من قبلكم لعلكم تتقون} [البقرة: 183].
فالغاية من الصوم تحقيق تقوى الله، والتقوى مفهوم شامل يستوعب تعامل
الإنسان مع ربه ومع الناس، وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى أهمية
التسامح للصائم بقوله: "الصوم جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا
يصخب وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم" (متفق عليه).
فالصائم هو من يمسك لسانه عن قول الزور ويصفح ويعفو ويتنازل عن حظوظ نفسه
ويتجافى عن أخلاق الجاهلية "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة
في أن يدع طعامه وشرابه" (رواه البخاري وأصحاب السنن).
* كيف يكون أثر النفوس في شهر رمضان وقبولها للتسامح؟
- النفوس في شهر رمضان مهيأة لقبول الخير عموما والتسامح، خصوصا أكثر من
أي زمن آخر وذلك لما يتجلى فيه من المعاني الإيمانية من الصلاة والصيام
وتلاوة القرآن وسماع المواعظ الدينية ومراقبة الله سبحانه في السر
والعلن، إضافة إلى ذلك ما جاء في الحديث الصحيح من تصفيد الشياطين
وسلسلتها في رمضان وانكسار النفس بسبب الجوع والعطش الذين يضيقان مجاري
الدم ويضعفان الشهوة، إذ الشبع غالبا مدعاة إلى الأشر والبطر.
فالنفوس إذا أحسن توجيهها ووظفت لها البرامج المفيدة في هذا الشهر الكريم
مهيأة لقبول الخير والانقياد له أكثر من غيره.
* متى نلمس أثر التسامح في مجتمع يشهد صنوفا من التعددية الحزبية وقضايا
الثأر التي تتفاقم كل يوم في البيضاء؟
- التعصب والعصبية من المعاني المذمومة إذا قامت على أساس الولاءات
الضيقة والتكتلات الحزبية التي تعمل على مصلحتها قبل مصلحة المجتمع
وقضايا الأمة فهي داء عضال ينخر في المجتمع يوما بعد يوم، ونحن نرى آثار
هذه العصبيات والولاءات الضيقة ونشهد تناميها في المجتمع اليمني كما هو
مشاهد ومعلوم في ما يجري في صعدة من التمرد وما خلفه من سفك للدماء
وإهدار لمصالح الأمة وتضييع للجهود التي كان يمكن أن تصرف في التمنية
والخير ، كل ذلك إنما نشأ بسبب التعصب والولاءات الضيقة سواء كانت حزبية
أم مذهبية أم مناطقية أم إقليمية.
وقد حذر العلماء من مغبة الحزبية المقيتة كثيرا، ولكن للأسف لم يسمع
لقولهم، واليوم نرى آثارها في صعدة أو في بعض المناطق الجنوبية تحت مسمى
الحراك، وهكذا تقام أسواق للنعرات وأسواق للعصبيات، وأسواق للفتن تحت
ذرائع شتى، والأصل أن تعالج الأمور بحكمة، وأن يتجنب الناس ردود الأفعال،
ومعالجة الشر بالشر لا تجدي بل هي إضافة شر إلى شر.
فمن حق الناس أن يطالبوا بحقوقهم وأن يسعوا إلى رفع المظالم التي تقع
عليهم، ولكن يكون ذلك وفق منهج شرعي وبعيدا عن الدعوات التي تمزق الأمة
وتزرع الكراهية والبغضاء في الناس، وتمد أيديها للأجنبي الذي لا يريد لنا
إلا التشرذم والتناحر ليتسنى له بعد ذلك الانفراد بمقدرات الأمة
ومقوماتها.
وشهر رمضان فرصة للرجوع إلى الله وتغليب صوت الحكمة اليمانية، والنأي عن
الطيش والحماقات التي لن نجني منها سوى المزيد من النكبات والمآسي.
وما ذكرته عن قضايا الثأر في البيضاء خصوصا هي مشكلة في الحقيقة في اليمن
بأسره يمكن معالجتها إذا قام كلٌ بدوره، وأؤكد أن من يقع عليه درء قضايا
الثأر هو القضاء والمحاكم الشرعية، فإن الكثير من الناس لو حلت قضاياهم
أولا بأول ووجدوا العدل والقسط في المؤسسة القضائية لما لجؤوا إلى قضايا
الثأر.
لكن المماطلة التي تقع في المحاكم والإهمال تعد أهم أسباب لجوء الناس إلى
التعدي والثأر.
هذا جانب، من جانب آخر يتحمل العلماء والعقلاء والمشايخ والمسؤولون
والإعلام أيضا جانبا مهما من المسؤولية، فأعتقد أنه لو قام كل بدوره لما
حصل ويحصل ما نراه من قضايا الثأر والقتل والقتال.
* نصيحة يمكن أن تقدموها عبر صحيفة "السياسية"؟
- نصيحة الله للأولين والآخرين وهي تقوى الله {ولقد وصينا الذين أوتوا
الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} [النساء: 131].
والصوم وسائر العبادات والمعاملات لن تستقيم إلا على ساق التقوى، وكل أحد
يحتاج إلى التقوى، وقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا أيها
النبي اتق الله} [الأحزاب: 1 ]. فالحاكم والعالم والقاضي والإعلامي
والتاجر والعامل كل هؤلاء مطالبون بتقوى الله وهي جماع الخير كله، وبها
تنزل البركات ويستتب الخير والأمن في المجتمع {ولو أن أهل القرى آمنوا
واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} [الأعراف 96].
رزقنا الله وسائر المسلمين التقوى وتقبل الله منا الصيام والقيام. وأكرر
شكري لصحيفة "السياسية" على إتاحتهم هذه الفرصة.
الشيخ محمد بن موسى العامري لصحيفة السياسية : الحياة السعيدة أساسها روح
التسامح والعفو بين الناس <br /> - البيضــــــاء نيـــ...
http://www.albaidanews.com/news.php?action=view&id=749

0 التعليقات: